• الأسواق الناشئة .. الأسهم المستدامة تتفوق على المؤشرات

    12/02/2020

    ستيف جونسون من لندن

    أسهم معظم شركات الأسواق الناشئة "المستدامة" تفوقت بشكل حاد على الشركات الأقل استدامة على مدار الأعوام الستة الماضية، وفقا لبيانات من "جيه بي مورجان لإدارة الأصول" JPMAM.
    أظهرت هذه الأسهم ذات الأداء القوي تقلبا أقل من تلك التي تراجعت عن آلية تسجيل النقاط في "جيه بي مورجان لإدارة الأصول"، ما يعني أن نسبة "شارب" Sharpe الخاصة بها، وهي مقياس للعائد المعدل حسب المخاطر، لا تزال مرتفعة.
    هذه البيانات تؤيد مجموعة متزايدة من الأدلة على أن الاستثمار "أخلاقيا"، مهما كان تعريف ذلك، لا يبدو أنه يؤدي إلى نتائج أسوأ وقد يؤدي حتى إلى زيادة العائدات، حتى لو بقي هناك كثير من المحاذير.
    قالت كلير بيك، اختصاصية الاستثمار في الأسواق الناشئة وفريق آسيا والمحيط الهادئ في شركة جيه بي مورجان لإدارة الأصول: "هناك الآن عدد لا يحصى من الدراسات التي تظهر أن إدراج العوامل المستدامة يساعد على تحسين عوائد المساهمين، أو على الأقل لا ينتقص منها. يظهر تحليلنا الداخلي للاستثمار في الأسواق الناشئة استنتاجا مشابها".
    يتضمن نهج شركة إدارة الأصول الأمريكية فريقا من 38 محللا ماليا يتولون تجميع ملف مخاطر يشتمل على 98 سؤالا حول أكثر من ألف من أسهم الأسواق الناشئة.
    يتعلق ثلثا الأسئلة بعوامل شاملة تتعلق بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة، في حين يتعلق الثلث الباقي بمسائل أوسع تتعلق بالاستدامة الاقتصادية.
    قالت بيك: "أعتقد أنه من المهم توسيع تعريف (الاستدامة). يجب أن تكون العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة في صميمها، لكن علينا أيضا التفكير في استدامة أنموذج الأعمال"، مشيرة إلى مثال شركات تصنيع الألواح الشمسية الصينية التي توقفت أو شهدت انهيار أسعار أسهمها بسبب الاحتيال، أو عدم القدرة على الوفاء بتكلفة رأس المال في القطاع الذي شهد انهيارا كبيرا في قوة التسعير.
    أضافت: "يمكن للشركة أن تفي بجميع الخانات في فئات العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة وتظل مع ذلك غير مستدامة"، مضيفة أنه ليست هناك شركة اجتازت اختبار الـ98 نقطة دون إثارة نذر هنا وهناك، وقد أثار بعضها ما يصل إلى 40 نقطة.
    بناء على هذا التحليل، وجدت "جيه بي مورجان لإدارة الأصول" أن الخمس الأعلى من أسهم الأسواق الناشئة التي تغطيها، استنادا إلى تصنيف الاستدامة لديها، فاق أداء مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة بواقع 5.6 نقطة مئوية سنويا بين شباط (فبراير) 2013 وكانون الأول (ديسمبر) 2019.
    على نطاق واسع، هذا الـ"ألفا" أو الفائض يتجه نزوليا للمستويات الخماسية اللاحقة، حيث كان أداء أقل خمس شركات "مستدامة" هو الأسوأ، باستثناء مجموعة الشركات التي لا تغطيها "جيه بي مورجان لإدارة الأصول"، والتي قالت إنها عادة ما تكون في "صناعات ثقيلة متقلبة نسبيا" "مثل بناء السفن، أو كانت شركات مملوكة للدولة "ذات جودة منخفضة للغاية".
    قالت بيك إن معدل ألفا لا ينطلق عند مستوى الصفر، كما هو متوقع، لأن "جيه بي مورجان" تغطي "كثيرا" من الشركات التي تقع خارج مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة، مثل تلك الموجودة في أسواق التخوم، كالسوق النيجيرية، وبعض أسهم البر الرئيسي الصيني من الفئة A التي لم تتم إضافتها حتى الآن إلى المؤشر.
    تظهر بيانات التقلبات إلى حد كبير النمط العكسي، حيث تقل التقلبات بالنسبة إلى أكثر الشركات "استدامة" وتكون الأعلى بالنسبة إلى الشركات التي سجلت نتائج سيئة في التحليل، على الرغم من أن الأسهم التي تم كشفها ذات أداء جيد نسبيا.
    على خلفية هذا النجاح في بيئة الاختبار، أطلقت "جيه بي مورجان" الآن صندوقا باسم "الأسهم المستدامة للأسواق الناشئة"، باستخدام المنهجية المذكورة. وهي تستثني الخماسي الخامس من الشركات، إضافة إلى تشغيل حظر شامل على الأسهم في قطاعات مثل الوقود الأحفوري والأسلحة والتبغ والقمار.
    الأصول التي جمعها الصندوق ستضيف إلى المبلغ الذي يزيد على ملياري دولار الذي تديره "جيه بي مورجان" من قبل في صناديق "مستدامة"، وهي جزء من اتجاه واسع للصناعة. بحلول نهاية هذا العام، سيتم تشغيل 40 مليار دولار، هي نصف جميع أصول صناعة الاستثمار، ضمن مبادئ محكومة بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة، وفقا لتوقعات "دويتشه بانك".
    قالت بيك: "هذا التركيز على البيئة والمجتمع وخاصة الحوكمة مهم للغاية في الأسواق الناشئة. الشركات التي تؤدي شيئا معينا بصورة جيدة يغلب عليها فعل كثير من الأشياء بصورة جيدة في الأسواق الناشئة. عادة في هذه الأسواق، المخاطر لا تتبع الأخطاء، وإنما مسألة كون الشركة ستكون موجودة هناك خلال عامين".
    لكن التحليل يطرح بالتأكيد عددا من الأسئلة. هناك سؤال واضح هو مقدار الأداء المتفوق الملاحظ من قبل مقاييس العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة، أو مقاييس الاستدامة كمقاييس "جيه بي مورجان" الذي يكون مدفوعا بديناميكيات القطاع.
    أكثر من 70 في المائة من شركات الطاقة في مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة إما أنها مكشوفة، وإما في الخمس الأخير بحسب مقياس "جيه بي مورجان"، مثلا. مع تداول النفط فوق 115 دولارا للبرميل في شباط (فبراير) 2013، وهو بداية السلسلة الزمنية، التي لم يكن من شأنها إلا أن تنهي عام 2019 دون 67 دولارا، كان أداء أسهم الطاقة، على نحو غير مستغرب، أقل من المتوقع، حيث انخفض 12.8 في المائة من حيث السعر.
    في المقابل، قفزت أسهم تكنولوجيا المعلومات في الأسواق الناشئة، التي هي ذات أداء أفضل في ظل منهجية "جيه بي مورجان"، 122 في المائة خلال الفترة نفسها. الشركات الاستهلاكية الاختيارية - وهي الأقل عرضة للكشف عنها أو التي تنفى إلى الخمس الخامس، مع مشاركة أقل من 10 في المائة في هذا المصير السيئ – حققت عوائد بنسبة 10.8 في المائة، وهي نسبة متواضعة لكنها تظل أفضل من نسبة 5 في المائة من مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة نفسه.
    هذا الرصيد في القطاع لا بد أنه أثر في نتائج تحليل "جيه بي مورجان". قد يجادل بعضهم بأن هذا أمر جيد، مثلا، إذ من المتوقع أن تستمر أسهم الطاقة في الأداء الضعيف في الأعوام المقبلة وسط رد الفعل العكسي ضد الاستثمار في شركات الوقود الأحفوري، لكن هذا أبعد ما يكون عن المضمون.
    الانقسام الثنائي بين أسهم شركات الطاقة من جهة وتكنولوجيا المعلومات من جهة أخرى يبرز تباينا آخر في جميع منهجيات العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة تقريبا.
    قالت "جيه بي مورجان" إن صندوقها للأسهم المستدامة في الأسواق الناشئة لديه انبعاثات سنوية من ثاني أكسيد الكربون تبلغ 16 طنا فقط لكل مليون دولار من الرسملة السوقية، مقابل 300 طن لكل مليون دولار لمؤشر مورجان ستانلي المركب.
    لكن هذه المقاييس تعتمد على المنهجية المستخدمة في حسابها، ليس فقط في حالة "جيه بي مورجان" ولكن لدى كل شركة لإدارة الأصول.
    التأثير البيئي لشركات الوقود الأحفوري مدفوع إلى حد كبير بانبعاثات غازات الدفيئة التي تنشأ عندما يحرق عملاؤها الوقود، وحيث انبعاثات الشركات نفسها من استخراج النفط أو الغاز أو الفحم هي عادة جزء بسيط من هذا.
    لكن عندما يتعلق الأمر بالقطاعات الأخرى، مثل تكنولوجيا المعلومات، لا يتم قياس الشركات عادة إلا على أساس الانبعاثات الناتجة عن أنشطتها الخاصة، مع تجاهل الأثر البيئي للاستخدام النهائي لمنتجاتها.
    لكن هذا الجانب الأخير له أثر لا يستهان به. إرسال 20 بريدا إلكترونيا يوميا لمدة عام يطلق الانبعاثات نفسها الناتجة عن سيارة تسير لمسافة ألف كيلومتر، وفقا لموقع EnerGuide، وهو موقع تديره "سيبيلجا"، وهي شركة بلجيكية لتوزيع الطاقة. التقاط جيل الألفية وتخزينه كميات لا حصر لها من صور السيلفي سيكون له أيضا أثر كربوني أكبر، ومع ذلك لا يظهر تأثير هذا الاستخدام النهائي في تصنيفات العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة (يتم إنشاء أغلبية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواسطة أجهزة المستخدمين النهائية، بدلا من مراكز أو شبكات بيانات شركات التكنولوجيا).
    بالنسبة لشركات أجهزة تكنولوجيا المعلومات، من غير الواضح أن الانبعاثات الناتجة عن سلسلة التوريد الخاصة بها يتم أخذها في الحسبان في أي منهما.
    قالت بيك إن "جيه بي مورجان" تنظر إلى كل شركة فيما يتعلق بالشركات الموجودة في صناعتها الفرعية وتعقد خمسة آلاف اجتماع مباشر مع الشركات سنويا، لكنها قبلت بأن "حوارنا حول كيفية قياس هذه الأشياء لا يزال يتطور". وأضافت: "نحن نكثف مشاركتنا مع الشركات بشأن تغير المناخ".
    بشكل منفصل، قد ينبع بعض الأداء المتفوق الذي تم تحديده بواسطة نماذج العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة، مثل نماذج "جيه بي مورجان"، من نقص الوزن النسبي في نماذجها للشركات المملوكة للدولة، التي غالبا ما تتم معاقبتها بسبب حوكمة الشركات ذات المستوى الضعيف.
    قالت بيك: "ملكية الدولة تعني عموما، بحكم تعريفها، أن هناك تركيزا أقل على مساهمي الأقلية وأكثر على الأهداف الحكومية"، على الرغم من إمكانية وجود استثناءات.
    هناك كثير من الأدلة على أن الشركات المملوكة للدولة، كمجموعة، يغلب عليها أن تكون ذات أداء أضعف في الأسواق الأوسع، ما يعني ببساطة أنه من خلال تخفيض وزنها، فإن الصندوق، أو الاستراتيجية تعمل على إمالة الاحتمالات لصالحها. وهذا مفيد بشكل خاص في الأسواق الناشئة، حيث تعد الشركات المملوكة للدولة أكثر عددا بكثير منها في العالم المتقدم.
    هناك عامل آخر يجب أخذه في الحسبان عند تقديمه مع دراسات تظهر نجاح الاستراتيجيات من نوع العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة (أو في الواقع أي نتيجة تعد مفيدة من الناحية الاجتماعية من قبل أي مجموعة ضغط في أي مجال من مجالات الحياة) هو تحيز النشر.
    هل كانت هناك دراسة يمكن أن ترى النور إذا كانت قد أظهرت النتيجة "الخاطئة"، مثل الأداء الضعيف للعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة؟ إذا كانت الإجابة عن هذا السؤال هي "لا"، فلا يمكننا أن نعرف كم عدد هذه الدراسات التي تم دفنها بهدوء (أو تعديلها إلى أن تكون "صالحة").
    بالعودة إلى أسواق الأسهم، هناك مسألة ما الذي يمكن أن يحدث إذا تبنى مزيد من المستثمرين استراتيجيات على غرار العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة؟
    في البداية، يفترض أن ذلك سيقدم دفعة قوية للغاية إلى الاستثمارات المرتبطة بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة (إلى الحد الذي تتداخل فيه نماذج مديري الأصول المختلفة) ما يؤدي إلى رفع أسعار أسهم شركات العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة "الجيدة" والضغط على أسهم الشركات "السيئة".
    لكن في مرحلة ما، من المنطقي الاعتقاد بإمكانية أن تكون هناك فقاعة في الفئة الأولى وقيمة تؤدي إلى الانبهار في تقييم الفئة الأخيرة، على افتراض أن الشركات "السيئة" هي تدفقات نقدية إيجابية ولم تكن بحاجة إلى زيادة رأس المال، يمكن أن ينتهي بها المطاف أن يتم تداولها إلى أن يصل التداول على عائد أرباح جذابة للغاية.
    قبلت بيك أن فجوة في التقييم من هذا القبيل يمكن أن تبرز إذا بدأ الاستثمار المستدام بالفعل في الانطلاق، رغم أنها لا تعتقد أننا وصلنا إلى هذه المرحلة حتى الآن.
    قالت: "من الطبيعي أن أدفع قيمة مضاعفة أعلى لشركة ذات قيمة أعلى، لذلك أتوقع أن أرى صندوق أسهم مستداما على مضاعف أعلى من صندوق أساسي، لكنني لا أعتقد أن هذا يعني بالضرورة وجود فقاعة".
    علاوة على ذلك، قالت إن الشركات الأكثر استدامة يجب أن تحقق نمو أرباح أقوى من الشركات الأقل استدامة، على نحو يبرر أسعار الأسهم الأعلى.
    أضافت: "حققت أسهم الأسواق الناشئة نموا سلبيا بنسبة 8 في المائة في الأرباح في العام الماضي، لكن أفضل الشركات (أي الأكثر استدامة) استمرت في تحقيق نمو في الأرباح"، وهذا يعني أنه في حين ارتفعت نسب السعر إلى الأرباح لدى معظم أسهم الأسواق الناشئة في العام الماضي (مع ارتفاع المؤشر)، تجنب بعض الشركات الأكثر استدامة ارتفاع نسبة السعر إلى الأرباح لديها من خلال رفع "الأرباح" بقدر رفع "السعر".
    لا يزال هناك شاغل آخر مثير للقلق. كثير من الاهتمام الأخير بالاستثمار المستدام كان مدفوعا بتحذيرات من كارثة بيئية يتحدث عنها الأشخاص الذين هم على شاكلة جريتا ثونبيرج.
    إذا كانت هذه التحذيرات دقيقة ودخلنا حقا عالما من الكوارث الطبيعية الشائعة بشكل واسع، والشديدة على نحو متزايد - من الجفاف والفيضانات إلى درجات الحرارة الشديدة في الصيف وحرائق الغابات التي لا نهاية لها - هل من المنطقي حقا المراهنة على الأصول التي تنطوي على مخاطر، مثل الأسهم بشكل عام، والأسواق الناشئة بشكل خاص؟

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية